هــآي
آخبــآركم
عندما تفوح منك رائحة الذنوب
أينما نقلب أبصارنا, وندير عقولنا, تتجسد أمامنا نعمة من نعم الله التي لا حصر لها ..
من هذه النعم التي قد لا ينتبه إليها البعض نعمة " السِتـر" ..
الستر الجميل لا ريبَ أنَّ سترَ العُيوبِ
والذنوب والأخطاء نعمةٌ من نِعَمِ الله الجليلةِ على عِبادِه ..
فلو أنه عزَّ وجَلَّ أبْدَى عُيُوبَ الخلقِ لفَضَحَهم
وهَتَك أسْتارَهم وكَشفَ عوراتهم؛
ولكنه جلَّ جلالُه أرحمُ الراحِمين،
ويُمهِلُ العاصي والشاردَ والغافل؛
فلا يريد أن يَفضَحَ عِبادَه؛
بل يريدُ أن يتوبَ عليهم ليتوبوا
من رحمة الله عز وجل بعباده أن كساهم بثوب من الستر .
ي الناس شـر لو بدا ما تعاشروا
ولكن كساه الله ثوب غطاء
وقال بعض السلف:
"لو تعلمون مني ما أعلم من نفسي لحثوتم على رأسي التراب".
عجزت عن تخيل العالم بدون ستر الله لنا ..
ماذا لو كان للذنوب روائح تخرج منا على قدر معاصينا؟! ..
ماذا لو كُتب على جباهنا المعصية التي ارتكبناها ..
ماذا لو وجد على باب بيوتنا شرحًا لما فعلناه؟! ..
ماذا لو علم الناس بما ستره الله علينا؟! ..
رباه أعجز عن تخيل ذلك مجرد التخيل ..
كيف ذلك أظن لو حدث ذلك يومًا واحدًا ..
لا ؛ يوم كثير؛ بل كثير جدًا ..
لنقل أنه قد يحدث ساعة ..
كم زوجة ستطلق من زوجها
لأنها ستعلم بنظراته وفعلاته ..
وسيعلم هو ما أخفته هي عنه ..
كم من صاحب سيترك صاحبه؟! ..
كم من أناس سنكرههم ونحن الآن نحبهم؟!..
كم .. كم .. كثير من الخراب سيحل ..
لا شك أن الحياة ستتوقف؛
نعم ستتوقف ..
اللهم لك الحمد على نعمة السِتر ..
اللهم لا تنـزع عنا سترك ..
واسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض ..
عجبًا لك أيها الإنسان !! كيف ترضى أن يكون الله أهون الناظرين إليك ؟!!!!
كيف تستحي من نظر الناس الذين لا يملكون لك ضرًا ولا نفعًا .. ولا تستحي من نظر الله إليك !!!
الله الذي بيده ملكوت السماوات والأرض .. الله مالك نفوس العباد ومدبرها والمتصرف فيها ..
قال الشاعر :
يا مدمن الذنب أما تستحي
والله في الخلوة ثانيكا
غـــــرك من ربك إمهالــــــــه
وستره طول مساويكا
وقال آخر :
توارى بجدران البيـــوت عن الورى
وأنت بعين الله لو كنت تشعر
وتخشى عيون الناس أن ينظروا بها
ولم تخش عين الله والله ينظر
والأدهى والأمر ما نرى من أولئك الذي بعد أن منّ الله عليهم بالستر, أصبحوا يجاهرون ويتفاخرون بما ارتكبوا من معاصي وذنوب ...
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عن رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" كل أمتي معافى إلا المجاهرين, وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا, ثم يصبح وقد ستره الله, فيقول: عملت البارحة كذا وكذا, وقد بات يستره الله, ويصبح يكشف ستر الله عنه ".
كلنا ندرك ما للذنوب من آثار وخيمة .. حيث إنها تورث الذل وتفسد العقل وتورث الهم وتضعف الجوارح وتعمي البصيرة .. لذا أوصيكم ونفسي بتقوى الله والإستغفار ..
قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (آل عمران:135)
وهنئيًا لمن اجتهد حتى وافقت ظواهره الحسنة بواطنه وسرائره ونواياه الخالصة لله ..
وأخيرًا : " اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك ".
قال تعالى: "وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى" (طـه:7)
وقال تعالى: "قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (آل عمران:29)
ان شاء الله ان الموضوع نال اعجابكم ولـآ تنسووا الردود